الشيخ الروحاني أبو هدى البغدادي
مرحبا بكم في منتديات الشيخ
سيد الروحانيين العرب أبو هدى البغدادي
سجلوا معنا وستجدونني خادما لكم بإذن الله
الشيخ الروحاني أبو هدى البغدادي
مرحبا بكم في منتديات الشيخ
سيد الروحانيين العرب أبو هدى البغدادي
سجلوا معنا وستجدونني خادما لكم بإذن الله
الشيخ الروحاني أبو هدى البغدادي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشيخ الروحاني أبو هدى البغدادي

منتديات ومدرسة الشيخ الروحاني أبو هدى البغدادي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

ترقبوا قريبا جدا .... لأول مرة في العراق والشرق الأوسط المعهد العراقي للماورائيات والطب البديل أول معهد علمي روحاني متخصص بإدارة الشيخ الدكتور أبو هدى البغدادي

الآن يمكنكم الاتصال بالشيخ عبر الفيس بوك على هذا الرابط https://www.facebook.com/profile.php?id=100013051531727

هاتف مكتب الشيخ الدكتور أبو هدى البغدادي سيد الروحانيين العرب المباشر من بغداد 009647506116876 يمكنكم الاتصال بأي وقت تحبون ولو وجدتم الهاتف مغلقاً أعيدوا المحاولة بعد ساعة ويتوفر عليه وتس اب وتلكرام



 

 كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
faten
عضو ذهبي
عضو ذهبي
faten


الموقع : تونس

كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة   Empty
مُساهمةموضوع: كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة    كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة   Icon_minitimeالسبت أبريل 12, 2014 4:13 am

لا يَخفى أنَّ الحلف بالله - عز وجلَّ - أو صفة من صفاتِه عبادةٌ وقرْبة له؛ لأنَّ فيه تعظيمًا له - تبارك وتعالى - والحنْث بذلك الحلِف يوجب عليه كفَّارة بشكْلٍ مَخصوص، وردت في كتاب الله - تعالى - وفي سنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - وعدم الوفاء بِهذه الكفارة يوقِعُ الحانثَ في معصية الله تعالى.
وقد رأيتُ كثيرًا من النَّاس - إلا مَن رحِم اللهُ تعالى - يُكْثِرون من الحَلِف بالله ويَحنثون في أيْمانِهم، ثم يتركون التَّكفير عن تِلْك الأيْمان التي لم يُوفوا بِها إمَّا عن جهْلٍ أو عن عمْد.


أولاً: الكفَّارة - لغة -: مأخوذة من الكفر، وهو الستر والتغطية، وسميت بذلك؛ لأنها تغطي الإثم وتستره، ومن ذلك قوله تعالى: {وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}، أي يمحوها ويزيلها، وسمي الفلاح كافرًا لتغطيته الحب بالتراب، ومن ذلك قوله تعالى: {أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ}[، وسمي الكافر كافرًا لِجُحودِه ما يُجِبُ لِله - عزَّ وجلَّ - وكذا سمِّي البَحْرُ كافِرًا لأنَّه يستُر ما تَحتَه، وكذا اللَّيلُ؛ لأنَّه يستُر بِظُلْمتِه
ثانيًا: الكفَّارة - اصطِلاحًا -: ما يُخرجُه الحانثفي يَمينِه: من إطعامٍ أو كسوةٍ أو عتق؛ تكفيرًا لِحِنْثه في يَمينِه.

حكم الكفَّارة:
حكم كفَّارة اليمين الوجوب، ودلَّ على ذلك الكتاب والسُّنَّة والإجْماع.
أمَّا الكتاب فقوله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}، ومن حفظ اليمين التكفير بعد الحنث، وقوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}، والمراد بالتَّحلَّة: هي الكفَّارة قبل الحنث؛ لأنَّها تحلُّ اليمين، وقد فرضها الله - عزَّ وجلَّ.
وأمَّا السُّنَّة فقوله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - في الحديث الذي رواه عبدالرحمن بن سمرة - رضي الله عنه -: ((إذا حلفتَ على يَمينٍ، فرأيتَ غيْرَها خيرًا منها، فكفِّر عن يَمينك، وائْتِ الذي هو خيْر))
وأمَّا الإجماع فقوْل ابْنِ المُنْذر: "وأجْمعوا على أنَّ مَن حلفَ باسْمٍ من أسماء الله - تعالى - ثم حنث أنَّ عليْهِ الكفَّارة".
وقال ابن هبيرة: "وأجْمعوا على أنَّ اليمين المنعقِدة، وهو أن يَحلِف على أمر من المستقبل أن يفعله أو لا يفعله، فإذا حنث عليْه الكفَّارة"
قال شيخ الإسلام: "كانوا في أوَّل الإسلام لا مخرج لهم من اليمين قبل أن تُشْرع الكفَّارة، ولهذا قالت عائشة: "كان أبو بكر لا يَحنثُ في يَمين، حتَّى أنزل الله كفَّارة اليمين"، وذلك لأنَّ اليمين بالله عقْدٌ بالله فيجِب الوفاء به، كما يَجب بسائر العقود وأشدّ، قوله: أحلف بالله وأقسم بالله، ونحو ذلك في معنى قوله أعقد بالله، ولهذا عدِّي بِحرف الإلصاق الذي يُستعمل في الرَّبط والعقد، فينعَقِد المحلوف عليْه بالله، كما تنعقد إحدى اليديْن بالأخرى في المعاقدة؛ ولِهذا سمَّاه الله عقدًا في قوله: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ}، فإذا كان قد عقدها بالله كان الحنث فيها نقضًا لعهد الله وميثاقه، لولا ما فرضه الله من التحلَّة، ولهذا سُمِّي حلُّها حنثًا، والحنث هو الإثْم في الأصل، فالحنْث فيها سببٌ للإثم لولا الكفَّارة الماحية، فإنَّما الكفَّارة منعته أن يوجب إثْمًا.

وأيضًا فإنَّ وجوبَ الكفَّارة على الفَوْرِ، فيجب على مَن حنث في يَمينِه أن يُبادر في إخراج الكفَّارة؛ لأنَّ المرجَّح عند الأصوليِّين: أنَّ الأمرَ يُفيدُ الوجوب على الفوريَّة.

تَعريف اليمين لغةً وشرْعًا
أوَّلاً: اليمين - لغة -: جمع يَمين، وهو مؤنَّثة وتذكَّر، وتُجمع أيضًا على (أَيْمُن) و(يمائن) وتصغَّر على (يمين) بالتَّشديد.
ومن معاني اليمين لغة: القوَّة والقدرة، واليد اليمنى، والبركة، والجهة اليمنى.
وسمِّي الحلِف يَمينًا، قيل: لأنَّهم إذا حلفوا ضربَ كلُّ واحدٍ منهم يَمينَ صاحبِه، وقيل: لأنَّها تَحفظ الشيْءَ على الحالف كما تحفظُه اليَد، وقيل: لأنَّ الحلف يقوِّي على الفعل أو عدمه[.
ثانيًا: اليمين - شرعًا -:
توكيد حُكْمٍ بِذكر اسم الله تعالى أو صفته، وما يلحق بذلك على وجه مَخصوص.


المبحث الأول
وقْت إخراج الكفَّارة
1 - قال الإمام البخاري - رحمه الله -: حدَّثنا أبو النعمان محمد بن الفضل، حدَّثنا جرير بن حازم، حدَّثنا الحسن، حدَّثنا عبدالرحمن بن سمرة قال: قال النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((يا عبدالرحمن بن سمرة، لا تسألِ الإمارة، فإنَّك إن أوتيتَها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أُعِنْت عليْها، وإذا حلفت على يَمين فرأيْتَ غيْرَها خيرًا منها، فكفِّر عن يَمينك، وأْتِ الَّذي هو خير)).

2 - قال الإمام البخاري - رحِمه الله -: حدَّثنا مُحمَّد بن مُقاتل أبو الحسن، أخبرنا عبدالله، أخبرنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: "أنَّ أبا بكر - رضي الله عنه - لم يكُنْ يحنثُ في يَمين قطّ حتَّى أنزل اللهُ كفَّارة اليمين وقال: لا أحلف على يَمين، فرأيت غيْرَها خيرًا منها، إلا أتيت الذي هو خير وكفَّرت عن يميني"

3 - قال الإمام البخاريُّ - رحِمه الله -: حدَّثنا أبو النعمان، حدَّثنا حمَّاد بن زيد، عن غيلان بن جرير، عن أبي بُرْدة، عن أبيه قال: أتيتُ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - في رهْط من الأشعريِّين أستَحْمِله، فقال: ((والله لا أحملكم، وما عندي ما أحْمِلكم عليه)) قال: ثم لبِثْنا ما شاء الله أن نلبث، ثُمَّ أُتِي بثلاث ذَوْد   غر الذرى ، فحملَنا عليها، فلمَّا انطلقْنا قُلْنا أو قال بعضُنا: والله لا يبارَكُ لنا؛ أتينا النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - نستحمِلُه فحلف أن لا يحملنا، ثُمَّ حَمَلنا، فارجعوا بنا إلى النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فنذكِّره فأتيناه، فقال: ((ما أنا حَمَلْتكم، بل الله حَمَلكم، وإنِّي والله - إنْ شاء الله - لا أحلِفُ على يَمينٍ فأرى غيْرَها خيرًا منْها إلا كفَّرْتُ عن يَميني، وأتيتُ الَّذي هُو خيْر، أو أَتَيْتُ الَّذي هو خيْر، وكفَّرت عن يميني"

 4 - قال الإمام مسلم - رحمه الله -: حدَّثني زهير بن حرب، حدَّثنا مروان بن معاوية الفزاري، أخبرنا يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: أعْتَم  رجلٌ  عند النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ثم رجع إلى أهله، فوجد الصِّبية قد ناموا، فأتاه أهلُه بطعامه، فحلف لا يأكل من أجل صِبْيَته، ثم بدا له فأكل، فأتى رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فذكر ذلك له، فقال رسول الله - صلى الله علية وسلم -: ((مَنْ حلَف على يَمينٍ، فرأى غيْرَها خيرًا منها، فليتأْتِها وليكفِّر عن يَمينه)).

5 - قال الإمام مسلم - رحمه الله -: حدَّثنا قتيبة بن سعيد، حدَّثنا جرير، عن عبدالعزيز - يعني ابن رفيع - عن تميم بن طرفة قال: جاء سائلٌ إلى عديِّ بن حاتم، فسأله نفقة في ثَمن خادم أو في بعْضِ ثَمن خادم، فقال: ليس عندي ما أُعطيك إلا دِرْعي  ومِغْفري ، فأكتب إلى أهلي أن يُعْطوكها، قال: فلم يرْضَ، فغضِب عدي، فقال: أما - والله - لا أعطيك شيئًا، ثُمَّ إنَّ الرَّجُل رضِي، فقال أما - والله - لولا أنِّي سمِعْتُ رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يقول: ((مَن حلف على يمينٍ، ثُمَّ رأى أتْقى لله منها، فليأْتِ التقوى)) - ما حنثتُ يميني.

6 - قال الإمام النسائي - رحمه الله -: أخبرنا محمد بن منصور ، عن سفيان قال: حدثنا أبو الزعراء ، عن عمِّه أبي الأحوص ، عن أبيه  قال: قلت: "يا رسولَ الله، أرأيتَ ابْنَ عم لي أتيتُه أسألُه، فلا يعطيني ولا يصِلُني، ثم يحتاج إلي فيأتيني فيسألُني، وقد حلفت أن لا أُعْطيه ولا أصِلُه، فأمرني أن آتي الذي هو خيرٌ، وأكفِّر عن يَميني".
الحكم على الإسناد:
إسناد صحيح ورجاله ثقات.

7 - قال الإمام الطيالسي - رحمه الله -: حدَّثنا سلام، عن أبي إسحاق[، عن عبدالرحمن بن أذينة، عن أبيه؛ أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((من حلف على يمين فرأى غيرَها خيرًا منها، فليأْتِ الذي هو خير، وليكفِّر عن يمينه)).
الحكم على الإسناد:
إسناده ضعيف لانقطاعه؛ عبدالرحمن بن أذينة لم يرْوِ عن أبيه أُذينة بن سلمة - رضي الله عنه - على الصحيح، وله شاهد في الحديث رقم (4، 5) وبالشَّاهد يرتقي الإسناد إلى درجة الحسن لغيره.

8 - قال الإمام ابنُ حبَّان -رحمه الله -: أخبرنا عبدالله بن صالح البخاري ببغداد قال: حدَّثنا محمد بن عبدالأعلى، قال: حدَّثنا الطفاوي[، قال: حدَّثنا هشام بن عرْوة[  عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - إذا حلَف على يَمينٍ لم يَحنث، حتَّى نزلتْ كفَّارة اليمين، فقال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((لا أحلِفُ على يَمينٍ فأرى غيْرَها خيرًا منها إلا أتيتُ الَّذي هو خيرٌ وكفَّرتُ عن يَميني)).
الحكم على الإسناد:
إسناده حسن؛ فيه محمد بن عبدالرحمن الطفاوي، صدوق، وله شاهد في الحديث)، وبالشَّاهد يرتقي الإسناد إلى درجة الصحيح لغيره.

دراسة الأحاديث:
مدارُ الأحاديثِ السَّابقة على قوْلِه - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إنِّي والله - إن شاء الله - لا أحلِفُ على يَمينٍ ثُمَّ أرى خيرًا منها إلا كفَّرتُ عن يَميني، وأتيتُ الَّذي هو خير))، وفي رواية: ((من حلف على يَمينٍ فرأى غيْرَها خيرًا منْها، فليأْتِ الَّذي هو خيْر، وليكفِّرْ عن يَمينه)). وفي رواية: ((إذا حلف أحدُكم على اليَمين فرأى خيرًا منْها، فليُكَفِّرْها، وليأتِ الذي هو خير)). ففي هذه الأحاديث دلالةٌ على أنَّ مَن حلَف على فعْلِ شيْءٍ أو ترْكِه، وكان الحنثُ خيرًا من التَّمادي على اليمين استحبَّ له الحنْث وتلزَمُه الكفَّارة، وهذا لا خِلافَ فيه بيْن الفُقهاء[54].

واختلفوا في حكْم تعْجيل الكفَّارة قبل الحنث بناءً على التَّقديم والتأخير الوارد في الأحاديث من قوله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إلا كفَّرت عن يميني وأتيت الذي هو خير)) وفي قوله: ((فليأْتِ الذي هو خيرٌ وليكفِّر عن يمينه)) ؛ فذهبوا إلى التالي:
المذهب الأول:
ذهب جُمهور الفقهاء (المالكيَّة والشافعيَّة والحنابلة) إلى جواز تعْجيل كفَّارة اليمين قبل الحنْث؛ لما روي عن عبدالرحمن بن سمُرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((يا عبدالرحمن، إذا حلفتَ على يَمينٍ فرأَيْت غيْرَها خيرًا منْها فكفِّر عن يَمينِك، ثُمَّ ائْتِ الَّذي هو خير))، وما وافق هذا المعنى من الأحاديثِ المتقدِّمة والَّتي وردت عن أبي هُريْرة، وعديِّ بن حاتِم، وأبي موسى الأشْعري وغيْرِهم من الصَّحابة - رضوان الله تعالى عليْهم

واستثنَى الشافعيَّة الصَّوم من خِصال الكفَّارة، وقالوا بعدم جواز التَّعجيل به قبل الحنث، وذلك لأنَّه عبادةٌ بدنيَّة، فلا يَجوز تقديمه على وقْت وجوبه بغير حاجة، كالصلاة، وصوم رمضان؛ ولأنَّه إنَّما يَجوز التَّكفير به عند العجز عن جَميع الخصال المالية، والعجْز إنَّما يتحقَّق بعد الوجوب، وهو رواية عند الحنابلة

المذهب الثاني:
وذهب الحنفيَّة إلى عدم جواز تعجيل كفَّارة اليمين قبل الحنث؛ لأنَّ الكفَّارة لستْر الجناية، ولا جناية قبل  الحنْث.

وسبب الخلاف كما تقدَّم هو اختلاف لفظ الحديث، فقدَّم الكفارة في رواية وأخَّرها في رواية أخرى، لكن ذلك التَّقديم والتَّأخير كان بحرف الواو الذي لا يُوجب التَّرتيب، ومن منَع تعجيل الكفَّارة قبل الحِنْث رأى أنَّها لم تَجُز فصارتْ كالتَّطوُّع، والتطوُّع لا يُجزئ عن الواجب

قال الإمام الباجي وغيرُه: الرِّوايتان على الجواز؛ لأنَّ الواو لا ترتب.

وقال ابن التِّين: لو كان تقديم الكفَّارة لا يُجزئ لأبانه، ولقال: فليأْتِ ثم ليُكفِّر؛ لأنَّ تأخير البيان عن الحاجة لا يَجوز، فلمَّا تركهم على مقتضى اللِّسان دلَّ على الجواز، وقال: وأمَّا الفاء في قوله: ((فائت الذي هو خير وكفِّر عن يمينك)) فهي كالفاء الذي في قوله: ((فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير))، ولو لم تأت الثَّانية لما دلَّت الفاء على التَّرتيب؛ لأنَّها أبانتْ ما يفعله بعد الحلف، وهُما شيئان: كفَّارة وحنثٌ، ولا ترتيبَ فيهِما.

وأَميلُ إلى ما ذَهَب إليْه الجُمهور في قولِهم بِجواز تَعْجيل كفَّارة اليمن قبل الحِنْث؛ وذلك لما ساقوه من أدلَّة.

ثُمَّ إنَّ القائلين بِجواز التَّعجيل اختلفوا في أيِّهما أفضل: التَّكفير قبل الحنْث أم بعده؟
فذهب المالكيَّة والشافعيَّة، وأحمد في رواية، وصوَّبه المرداوي من الحنابلة: إلى أنَّ تأخيرها عن الحنث أفضلُ خروجًا من الخلاف.

والرواية الأخرى عن أحْمد - على الصحيح من المذهب -: أنَّ التَّكفير قبل الحنث وبعدَه في الفضيلة سواءٌ، وذلك في غيْر الصَّوم، لتعجيل النفع للفُقراء، والتبرُّع بِما لم يجب عليه.

وأميل إلى القَول بإخْراجها قبل الِحْنث؛ لِما فيه من الخَير، فإنْ حنث برِئَت ذِمَّته، وإن لم يحنث أُجِرَ على ما أخْرجه.


المبحث الثاني
أنواع الكفَّارات
9 - قال الإمام البُخاري - رحِمه الله -: حدَّثنا أحمدُ بن يونُس، حدَّثنا أبو شهاب، عن ابن عون، عن مجاهد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة قال: أتيتُه - يعنِي النَّبيَّ صلَّى الله عليْه وسلَّم - فقال: ((ادْنُ))، فدنوْتُ، فقال: ((أيؤذيك هوامُّك ؟)) قلت: نعم، قال: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ.

دراسة الحديث:
ذكر ابن حجرٍ نقلاً عنِ ابن بطَّال - رحِمهما الله تعالى - مناسبة هذا الحديث وعلاقته بكفَّارة اليمين قوله: إنَّما ذكر البخاريُّ حديث كعبٍ هنا من أجل آيةِ التَّخيير، فإنَّها وردتْ في كفَّارة اليمين كما وردتْ في كفَّارة الأذى، وأورد الإمام البخاري - رحِمه الله تعالى - تَمام هذه الرِّواية في كتاب أبواب الإحْصار وجزاء الصيد، باب قول الله تعالى: {أو صدقة} وهي إطعام ستة مساكين: أن كعب بن عجرة قال: وقف عليَّ رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بالحديبية ورأسي يتهافت قملاً، فقال: ((يُؤذيك هوامُّك؟)). قلت: نعم، قال: ((فاحلق رأسك، أو قال: احلق)) قال: فيَّ نزلت هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ}[69] إلى آخِرها، فقال النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((صم ثلاثة أيام، أو تصدَّق بفرق بين ستة، أو انسك بما تيسَّر)).

وأنواع كفَّارات اليمين مدارُها على قضيَّتين؛ الأولى: كفَّارة اليمين للمستطيع، والثَّانية: لغير المسْتطيع، وتفْصيلُهما كما يلي:

القضيَّة الأولى - كفَّارة اليمين للمستطيع (الواجد):
يترتَّب على المستطيع إذا حنث في يَمينه ثلاثة أمور على التَّخيير، أوَّلُها إطْعام عشَرة مساكين، والثَّاني أو كسوتُهم، والثَّالث أو عِتْق رقبة؛ وذلك عملاً بقوْلِه تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}

قال ابن قدامة: أجْمع أهلُ العلم، على أنَّ الحانثَ في يَمينه بالخيار؛ إن شاء أطعم، وإن شاء كسا، وإن شاء أعْتق، أي ذلك فَعَلَ أجْزأه؛ لأنَّ الله تعالى عطف بعض هذه الخصال على بعض بحرف (أو) وهو للتخيُّر، قال ابن عباس: "ما كان في كتاب الله (أو) فهو مخير فيه، وما كان (فمن لم يجد) فالأول الأوَّل".

والحديث عن أنواع الكفَّارات الثلاث السابقة على التفصيل التالي:

أولا - الإطعام:
ويتعلَّق به أربع مسائل:

المسألة الأولى - حكمه:
اتَّفق الفقهاء في وجوب الإطعام في كفارة اليمين بالله تعالى إذا حنث فيها على التخيير بينه وبين الكسوة وتحرير الرقبة - كما تقدَّم - فإن عجز فصيام ثلاثة أيام؛ لأنَّ الإطعام أحد أصناف الكفَّارة، التي أوجبها الله تعالى ضمن أصناف الكفَّارة المذكورة في الآية الكريمة.

المسألة الثانية - شروط المطعَم:
ذكر الفقهاء مجموعةً من الشروط لا بدَّ من توافُرِها فيمن يُطْعَم في كفَّارة اليمين؛ وهي:
1 - الإسلام، وعلى هذا فلا تدفع الكفارة إلى الذمي، ومن باب أوْلى الحربي والمرتد
2 - أن يكون مسكينًا؛ لقوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}، والمراد به: من يَجوز دفع الزكاة إليه.
قال ابن قدامة: "وهم الصنفان اللَّذان تدفع إليْهم الزَّكاة، المذكوران في أوَّل أصنافِهم، في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}، والفقراء مساكين وزيادة".
3 - أن يكون حُرًّا، وهذا قول الجمهور، واستثنى بعض الحنابلة المكاتب، فقالوا: يجزئ دفْعها إلى المكاتب[
4 - أن لا يكون مَن تُدْفَع إليه الكفَّارة مِمَّن تَجِب نفقته على المكفِّر: كأبيهِ وأمِّه وزَوْجتِه وولده ونحو ذلك؛ لاستغنائه بالنفقة
5 - أن لا يكون مَن تُدْفَع له الكفَّارة طِفْلاً لم يأكل الطعام؛ لأن الله تعالى ذكر الإطعام في قوله عز وجل: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}، وهذا يقتضي الأكْل من الطَّعام المدْفوع، فإذا لم تُعْتَبر حقيقة الأكل فلا أقلَّ من اعتبار مظنَّته، وليس ذلك متحقِّقًا في الطِّفْل الذي لم يطعم.
6 - أن لا يكون من ذوي قُرْبى النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وهذا باتِّفاق الفقهاء؛ لما روى المطَّلب بن ربيعة بن الحارث - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((إنَّ الصدقة لا تنبغي لآل مُحمَّد؛ إنَّما هي أوْساخ الناس))، وألحق العُلماء الكفَّارة بالزَّكاة لكوْنِها مَحو الذنب، فهي من أشدِّ أوساخ الناس.

المسألة الثالثة - المقدار المُجزئ من الإطعام وصنفه:
اختلف الفُقهاء - رحِمهم الله تعالى - في مقدار الإطْعام وصنْفِه، فذهبوا إلى المذاهب التَّالية:
المذهب الأوَّل: يُمثِّله قول الحنفيَّة: يَجب لكل فقيرٍ نصفُ صاعٍ من بُرٍّ، أو صاعٌ كامل من تمر أو شعير.
والدقيق من البر أو الشعير بمنزلة أصله، وكذا السويق.
واستدلُّوا على رأْيِهم بِما رواه يسار بن نمير قال: قال لي عمر بن الخطَّاب: "إنِّي أحلِفُ أن لا أعْطِي رجالاً، ثُمَّ يبدو لي فأُعْطيهم، فإن رأَيْتني فعلت ذلك، فأطعم عني عشرة مساكين، كل مسكين صاعًا من شعير، أو صاعًا من تَمر، أو نصف صاعٍ من قمح".

المذهب الثاني: قول المالكية: يجب لكلِّ فقيرٍ مُدٌّ من بُرٍّ، أو مقدار ما يصلح للإشباع من بقية الأقوات التسعة، وهي القمح أو الشعير والسلت، والذرة، والدخن، والأرز، والتمر والزبيب،.

المذهب الثالث: وهو قول الشافعية: يجب لكل فقير مد واحد من غالب قوت البلد، مما ذكر من الأصناف السَّابقة أو غيرها

المذهب الرابع: مذهب الحنابلة: الذين قالوا يَجِبُ لكلِّ مِسْكينٍ مدٌّ من بُرٍّ، أو نِصْف صاعٍ من شعيرٍ أو تَمر أو زبيبٍ أو أقط، ويُجزئُ دقيقٌ وسويقٌ بوزْن الحب، سواءٌ أكان من قوت البلد أملا، وقال أبو الخطَّاب منهم: يجزئ كل أقوات البلد، والأفضل عندهم إخراج الحبّ.

واستدلَّ المالكيَّة والشَّافعيَّة والحنابلة على قولِهم بأن يَجب لكلِّ فقير مدٌّ واحد بِما يلي:
أوَّلاً: بِما رواه نافعٌ عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّه كان يقول: "مَن حلَف بيمين فوكدها، ثُمَّ حنث، فعليْه إطْعام عشرة مساكين، لكل مسكين مد من حنطة[96]، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيَّام".
ثانيا: بما رواه مُحمَّد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن زيد بن ثابت في كفارة اليمين، قال: "مُدَّانِ من حنطة لكل مسكين"
ثالثا: بما رواه عكرمة، عن ابن عباس قال: "مد من حنطة، ربعه بإدامه
رابعا: بما رواه عطاء قال: سمعت أبا هريرة في هذا المسجد يقول: "ثلاثة أشياء فيهن مد مد، في كفَّارة اليمين، وفي كفَّارة الظهار، وفدية طعام مسكين"

ونلاحظ مما تقدَّم ذكره أنَّ الإطعام الواجب في الكفَّارة عند المالكية والشَّافعية هو غالب قوت البلد، في حين ذهَب الحنفيَّة والحنابلة إلى أنَّه مُخيَّر بين أقوات البلد.

وأميلُ إلى ما ذهب إليه الشافعيَّة في قولِه: أنَّ مقدار الإطعام الواجب في الكفَّارة: لكلِّ فقيرٍ مدٌّ واحد من غالب قوت البلد مما ذكر من الأصناف السابقة أو غيرها؛ وذلك لِما في هذا القوْل من التَّخفيف على المسلمين، والمتلائِم مع يُسْرِ الشَّريعة وسَماحة الدين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دنياي اتعبتني
عضو لايقدر بثمن
عضو لايقدر بثمن
دنياي اتعبتني



كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة   Empty
مُساهمةموضوع: رد: كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة    كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة   Icon_minitimeالسبت أبريل 12, 2014 8:04 pm

كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة   Images?q=tbn:ANd9GcRGCNcI9qICE7viDFNrcdX9Ibp5H7BPXEZzzJz7lnEMtbnSxJxU
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
faten
عضو ذهبي
عضو ذهبي
faten


الموقع : تونس

كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة   Empty
مُساهمةموضوع: رد: كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة    كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة   Icon_minitimeالأحد أبريل 13, 2014 2:48 am

كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة   13672394851
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زهره
عضو لايقدر بثمن
عضو لايقدر بثمن
زهره



كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة   Empty
مُساهمةموضوع: رد: كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة    كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة   Icon_minitimeالأحد أبريل 13, 2014 5:32 am

انار الله بصيرتك

   الله يعطيكي العافيه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
faten
عضو ذهبي
عضو ذهبي
faten


الموقع : تونس

كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة   Empty
مُساهمةموضوع: رد: كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة    كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة   Icon_minitimeالإثنين أبريل 28, 2014 3:42 am

كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة   13672394632
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كفارات اليمين بالله - جل جلاله - في السنة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» إله الآله الرفيع جلاله * بكحيائيل * - لأول مرة
» السنة الضوئية
» أغرب 10 أخبار شهدها العالم هذه السنة 2016
»  خصائص فصول السنة وتأثيرها على الجسم البشري
» قصة عن فوائد لا حول ولا قوة إلا بالله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشيخ الروحاني أبو هدى البغدادي :: منتديات التعارف والحوار العام :: منتدى الثقافة العامة-
انتقل الى: