الغيب الذي يعلمه الجن

ما من أحد يدخل العالم الروحاني إلا ويفكر في الغيبيات وكيفية الحصول عليها

لذلك كان الكثير يبحث عمن يستطيع إخبارهم بهذا الأمر

ويعتقد بأن الجن يعرفون الغيب

وقد قمت بالبحث كثيراً عن هذا المفهوم للغيب والذي يستطيع الجن إخبارنا به

فكان لا بد في البداية من معرفة أنواع الغيب حتى نستطيع الإنطلاق في المعرفة

قرأت كثيراً من التعريفات والبحوث وخرجت منها بما أعتقد أنه يخدم الغرض لمن يريد
المعرفة

وهو كما يلي :-

هناك ( غيب مطلق )

لا يعلمه إلا الله عز وجل وحده فقط

وهذا الغيب لا يمكن حتى البحث عن أسبابه ولا ما هو

فلا يخصنا البتة إلا من باب العلم بأن الله عز وجل قد خص نفسه بعلم لا يعرفه ملك
مُقرب ولا نبي مُرسل

وهناك

( غيب أعطاه الله عز وجل لبعض الناس )

مثل الأنبياء والرسل أو الأشخاص العاديين من الأولياء والعُباد

فكان حكراً عليهم وحدهم ولا يستطيعون نقله ولا الكلام عنه

مثل

الإسم الأعظم فلم يتمكن حتى الآن أحد وضعه مباشرة

بل اكتفوا بالإشارات المبهمة التي تزيد الشخص حيرة وغموضاً

ومثل هذا الأمر يكون كذلك محفوظاً

فلا يستطيع الجن أن يعرفوه حتى بقراءة الأفكار والخواطر

وهذا الغيب هو من الإعجاز الإلهي

حتى يتبين للجن والإنس أن هناك أُموراً قد نزلت إلى الأرض

ولكنهم لا يعرفون ما هي ولا كيفية الحصول عليها

يبقى ما هو الغيب الذي يمكن معرفته عن طريق الجن ويعجز الإنسان من الحصول عليه ؟؟؟

( بسرعة ويكون صحيحاً )

هناك عدة أنواع كما يلي :-

الأول :-

الغيب ( الذي وقع في الماضي )

وهو من الغيب علينا

ولكن لو عثرنا على من عاصر تلك الفترة وأحداثها وحدثنا عنها فهنا يصبح الأمر من
المكشوفات

وهذا الغيب سهل على الجن

لأنهم يعيشون كثيراً ويمكن لهم سؤال بعضهم البعض فيخبرون بما حصل وقد يكون الكشف
له زمانياً أو مكانياً

فمثلاً

لو أن شخصاً كان أحد أجداده المتوفين قد أخفى كنزاً أو خبيئة وهو لا يعلم عنها إلا
أنها موجودة

ففي هذه الحالة لو ذهب إلى أحد المتعاملين مع الجن

فحينها يستطيع أن يخبره بمكانها ومتى عند استحضار قرين الجد المتوفى وسؤاله

( هذا أمر معروف )

وهو أحد الأمور التي يستطيع الجن الإخبار عنها

وهذا ( الغيب الماضي )

قد يكون الإخبار عنه له عدة مصادر وكل مصدر يحكي حسب ما رآه أو سمع عنه ممن عايش
هذا الأمر قيد السؤال

ولذلك فقد تختلف الروايات بين شخص وآخر لو سألنا هذا السؤال لعدة أشخاص ممن لهم
باع في التعامل مع الجن

الثاني :-

الغيب ( الحاضر )

وهذا أيضاً من الأمور التي يستطيع الجن الإخبار عنها

مثلاً

لو أراد أحد أن يعرف في هذه اللحظة ما يحصل في مكان ما من العالم

وكانت عنده خدمة تعرف هذا المكان

فيستطيع الجني الذهاب إلى هناك ومعرفة الأمر

( وهذا معروف لسرعة الجن في التنقل )

وكذلك

ما يحدث لأحدنا عند الذهاب إلى شيخ أو غيره

فيخبره بما يحدث في البيت وما هي أوصاف المنزل إلى غير ذلك من لون الأثاث ومكان
الأشياء وترتيبها

أو معرفة ما يملكه الإنسان من المال سواءٍ في جيبه أو في البنك

وكذلك

كشف السحر ومن فعله إلى غيرها من المسائل المُتطابقة مع هذا الأمر

كل هذا يتم بالتعاون مع القرين أو العمار أو الجن العارف بالمسألة

( مثل الجني المربوط بالسحر )

أو بسرعة التنقل كما ذكرت سابقاً

الثالث :-

وهو ( غيب الدلالات )

وهذا الغيب يشترك فيه الجن والإنس على حد سواء

مثل

معرفة ما سيقع من البراكين والزلازل عن طريق الحسابات والقياسات الأرضية والرياضية


أو سقوط الأمطار وتغير الطقس عن طريق الأرصاد وعلمها

أو ما يحدث للنجوم والأفلاك عن طريق الحسابات الفلكية

وهذا العلم هو من علم الغيب ولكن علمنا الله طرقاً لمعرفته يعرفها العلماء

فبذلك يمكن للجن إخبارنا به وربما استخدموا علومهم الخاصة في هذا الأمر

ونأتي للنوع الهام والحساس لنا

الرابع :-

وهو ( غيب المُستقبل )

فهل يستطيع الجن معرفة ما سيحصل على سبيل المثال مع الشخص السائل من أُمور في
حياته المستقبلة ؟؟؟

وهل يستطيع الجن أن يعرف ماذا يحصل معه هو شخصياً من الأمور المُستقبلية كذلك ؟؟؟؟

هذا الأمر شائع عند العرافين والكُهان

فأقول بالتأكيد لا يعرفون

لماذا ؟؟؟

الدليل على ذلك هو ما ورد في قصة سيدنا سليمان عليه السلام والتي بينها لنا القرآن
الكريم كما يلي :-

( فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته

فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين )

وهذا سند من الحديث الشريف يدل على هذا المعنى كذلك

كان نبي الله سليمان إذا قام في مصلاه رأى شجرة نابتة بين يديه ، فقال لها : ما
اسمك ؟ قالت : الخرنوب

قال : لأي شيء أنت ؟ فقالت : لخراب هذا البيت فقال : اللهم عم عليهم موتي ، حتى
يعلم الإنس أن الجن لا تعلم الغيب

قال : فنحتها عصا يتوكأ عليها ، فأكلتها الأرضة فسقطت

فخر ، فحزروا أكلها الأرضة ، فوجدوه حولا

فتبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين

وكان ابن عباس يقرؤها هكذا : فشكرت الجن الأرضة فكانت تأتيها بالماء حيث كانت .

الراوي: عبد الله بن عباس المحدث: الذهبي - المصدر: سير أعلام النبلاء

وهذا الدليل لهو أقوى الأدلة على عدم معرفة الجن بالغيب

بالرغم من أنه حصل ووقع وهم بجانبه ويرونه وهو موت سيدنا سليمان عليه أفضل الصلاة
والسلام

فكيف بمن يثق ثقة عمياء بالجن من أنهم يعرفون المُستقبل ويخبرون به !!!!

لذا كان من هذا المنطلق

وجوب معرفة ما يتم في العالم الروحاني

حتى لا يقع الشخص فريسة سهلة للمُدعين بمعرفة الغيب من الإنس والجن

ومن كان من الإخوة عنده علم بهذا الأمر فليضعه لنا لنستفيد منه

أسأل الله عز وجل لنا ولكم العلم النافع